مقالات الرأي
أخر الأخبار

لوكنت ناكر للهوي زيك كنت غفرت ليك ✍️ محمد طلب

لوكنت ناكر للهوي زيك كنت غفرت ليك

 

اولاً يجب ان نعترف ونقر باننا تربينا دون ان ندري علي كثير من الشرور تمثلت في (ما تخلي حقك) و (الضربك اضربو) و(كان ما قدرك افلقوا بحجر واجري)و (امشي اتسد حقك) والثوابت والشواهد وان قلنا غير ذلك تثبته اما القيم الدينية السمحة والتسامح لم يكن جزء من تربيتنا علي الاطلاق و(المشروع الحضاري) الذي عاش اكثر من ثلاثة عقود لم (يحدث تغييراً) وفي هذه الايام لن تسمع علي المنابر دعوة للتسامح والجميع يشعل نيران الحرب حتي (الائمة والدعاة والمرشدين) وان قلت (لا للحرب) فالويل لك ولاشباهك (ايها الرعديد) وهذا يتنافي مع القيم الدينية العظيمة و حتي ادبيات الحرب والقتال في الاديان السماوية

 

وفي طفولتنا كان من النادر جداً ان تسمع دعوة للتسامح ننشرها بين الاطفال والنشء وغالباً تسمع (امشي اضربوا زي ما ضربك) او (اوعك تجيني تبكي) وباصرار يقول الاب او الام (امشي اتسد حقك) وكثيرا ما يذهب الاب او الام او الاخ الاكبر مع طفلهم (عشان يتسد حقو) واحياناً يمسك له بالخصم الذي ربما كان صديقه وزميل اللعبة كي يضربه بقوة وفي كثير من الاحيان يكون الطفل غير راغب في ذلك او اتي لوالديه ظناً منه ان لديهم( حلول اجدي) لهذا (الخلاف الطفولي) وعندما يمسك الاب او الام او الأخ الاكبر بالخصم البرئ كي يضربه ابنهم فيتردد الطفل ويعتقد الاب او الام انه خائف فيرددون ما تخاف( انا ماسكو اضربو اضربو) (دقوا دقوا دقاو البلاء).. (اوعي يحقروا بيك) هكذا تربينا ( بلا ادب) بلا حوار او تقصي للحقائق او حتي محاولات لاستمرار العلاقات الجيدة بمجتمع ما زال يتفاخر ب(الهمبتة والقلع) والضرب ووو… وكل ما هو قبيح منذ نعومة اظافرنا

 

هل تظنون ان (البل والجقم) الذي يردده البعض بعيداً عن هذه التربية الردئية؟؟

… لا اظن ذلك… انها ذات (اضربو اضربو) التي تدهورت الي (الجقم) وما شاكله من مصطلحات

 

كتب الاستاذ محمد المرتضي حامد مقال رائع جداً من السهل الممتنع تحت عنوان *(اصبر خليهو)* جاء في مقدمته

 

*(بالله يالمغتربين وناس الدياسبورا والمقيمين في البلد الحزين علموا اولادكم (بريدك) و (تهاتي) و (مشتهيك) حتي لو بلغتم (شحتفة الروح)* وتحدث عن المرحوم عوض احمد خليفة واغتياته ودبج كلماته باشارات للسيرة الذاتية وما بين سطورها من اشارات ذكية:

 

*(ترقي حتي رتبة اللواء قبل ان تصبح الرتب سلعاً تباع وتنمو في الخلا زي الموليتا وتوزع كالسندوتشات في كناتين الحركات ومواكب الفلول والموز في تماه عحيب مع الزمن المريب)*

 

وتحدث عن الجيش والحياة العسكرية التي لا ينفصل افرادها عن مجتمعاتهم في الثقافة والاداب والفنون وضرب امثلة كثيرة علي ذلك من ضمنهم الشاعر الغنائي واللواء الصارم (العسكري الماخمج) حسب تعبيره الجميل (الماخمج) ايضاً واضاف:

*(اصلو ما جاب سيرة الدوشكا ولا الهاوتزر وهو فارسها اليجول في سوحها دفاعاً عن الثغور وحماية الارض والعرض وليس في ازقة الحواري هتكاً للعروض)* وهي ذات ثقافة الجيوش القوية التي خاضت حروب عالمية غالباً تبعد اغانيهم عن الحروب والدمار واسلحتهم وقوتهم والتركيز دائما علي قصص الحب اثناء الحروب والدعوة للسلام والامثلة كثيرة

 

استفاض الكاتب بلغة بسيطة وجمل صغيرة مكثفة ومحتشدة بكل الجمال

 

وطالعت مقالاً اخر هذه الايام (لا ادري تاريخه) واحسبه في ايام هذه الحرب الكريهة للاستاذ عادل الباز تحت عنوان *دعونا ننتزع الفرح من بين فرجات الاحزان* ا ناعياً زوجة اللواء عوض احمد خليفة و احسب انه اقتفي اثر الاستاذ محمد المرتضي حامد في مقاله ورغم قراءتي للصناعة في المقال الا انني حمدت الله انه تحدث عن (الحب) رغم ان قلمه ما زال سيفاً من سيوف الحرب الدائرة الان ودعوات (الجقم) واضحة جداً فيما يكتبه ونسال الله ان يكفي هذه البلاد شر القتال

 

الا انني اكتب بذات الحب الذي كتب به محمد المرتضي حامد عن المرحوم عوض احمد خليفة واقول انه لم يكن صائباً في اشتراطه *(لوكنت ناكر للهوي زيك كنت غفرت ليك)* حيث يفترض ان (الغفران) يتطلب الندية وذات الصفات الردئية عند الطرف الاخر (ناكر الهوي) بل هي صفة يتميز بها الاكثر ادباً وصاحب السمو الاخلاقي في دنيا الحب وقد ترجم ذلك التجاني حاج موسي *(مسامحك ما عشان عينيك عشان تتعلم الغفران وتصفح لو زمن جار بيك)* وسبق ان اشرت لهذه القيمة الاخلاقية الجمالية العالية في مقال سابق في تناولي للشتات الوجداني الذي شكلته مجموعة الاغاني للشعب السوداني

 

ولعل ما يدور في بلادنا الان من احتراب ذكرني ما سقته في بداية المقال عن الطفولة التي زرعت في الاجيال مفهوم (اتسد حقك)

بقوة يصعب انتزاعها الا بزرع قيم مضادة عن التسامح وقبول الاخر بكل سئياته وهي دعوة اسميها *(القراءة 360 والتسامح)* فهل من مجيب؟؟

والغريب في الامر اننا حتي ثقافتنا العقيمة هذه لا نلتزم بها التزاماً تاماً و لا نحاربها ونقطع دابر القبيح منها وللاسف نظل عليها لان بها المخرج لنا من كل سلوك قبيح ويقولون (المحرش ما بكاتل) (دحين يا ناس الميديا والمنابر واللحي بطلوا تحريش) حتي يعرف جيشنا الباسل طريقه للانتصار علي المليشيا و اداء مهمته علي الوجه الاكمل ودعونا مع الدعوة بعنوان *(القراءة 360 والتسامح)*

 

سلام

محمد طلب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى