مقالات الرأي
أخر الأخبار

مصرية في حرب السودان بذمة المطرفي(3) ✍️ محمد طلب

مصرية في حرب السودان بذمة المطرفي(3)

 

(فرح) المصرية و قصتها موضوع هذه المقالات هي طالبة جامعية تدرس بكلية (العلاج الطبيعي ) باحدي الجامعات الخاصة وهو تخصص مهما جداً لم تلتفت له الاسر السودانية كثيراً وله دور مكمل للطب الدوائي في كثير من الحالات المرتبطة بامراض المخ والاعصاب ويعمل علي اعادة التاهيل لمرضي المخ والاعصاب والغضاريف والسلسلة الفقارية ويدرسون علم التشريح وكلية العلاج الطبيعي تدرس نفس سنوات الطب وتخضع اجرائياً لكل ما يخضع له الطبيب من امتياز وترخيص ممارسة المهنة وغيره الا اننا لا نعر هذه الكلية الاهتمام المطلوب ودخلت الساحة الاكاديمية مع انتشار الجامعات الخاصة

ودرجات الدخول لها بالجامعات المصرية عالية جداً وتتفوق علي كليات الطب في بعض الجامعات (هذا ما عرفته خلال فترة علاجي بالقاهرة) مثلما علمت اهمية هذا العلم وتفاصيله حتي اني اصبحت احدث بنتي (سلوي) كثيراً عن اهميته

 

(فرح) و(ندي) و(رانية) (اكتبها بالتاء المربوطة عن قصد) فغالباً ما يكتبونها (رانيا) والاولي هي الاصح

ثلاثتهن طالبات جامعيات جمع بينهن السكن الداخلي (فرح ورانية) بنفس الجامعة (ندي) بنت صلاح المطرفي تدرس الطب و(رانية) بنت قريبه جمال محمد حامد واظنها تدرس الطب ايضاً وصديقتهن (فرح) المصرية تدرس (العلاج الطبيعي) وهو امر لفت نظري علي المستوي الشخصي فمعظمنا يتمني لابنائه (طب بس) وهذا موضوع اخر يحتاج لمساحة اوسع

 

كان لاتصالات الاسرة المصرية بالاستاذ صلاح المطرفي دور كبير في تغيير بعض المفاهيم التي رسخت حول المصريين بذهنه و في اذهان كثير من السودانين والعكس ولا ادري هل هو امر مصنوع ومنتشر بقصد؟؟ … لا ادري..

لكن تجربتي الشخصية بالقاهرة غيرت ايضاً كثير مما ترسخ في ذهني وكاد ان يتحول الي الكراهية للشعب المصري لو لا الستة اشهر التي قضيتها هناك ووجدت نفسي امام شعب مختلف وطيب وكريم راقٍ وخلوق

 

 

(فرح وندي ورانيا) جميعهن من بنات القري ولكن القرية بمصر تختلف كثيرا عن القرية في السودان…. لكن ما جمع بينهن هو انسانية اهل القري هنا وهناك…

 

 

ظلت محافظة البحيرة وقرية فرح تنتظر الفرح بقدوم (فرح) ابنة مصر والسودان ونجاتها من نيران الحرب ومازلنا نحن ننتظر الفرج القادم من سيد الفرج…

 

ظلت (فرح) اكثر من شهرين مع اهلها بمحافظة شرق النيل بالقرية الوديعة علي ضفاف النيل الازرق مع اسرة صلاح المطرفي وكانت رحلة عودتها بها كثير من الشبه برحلة النيل نفسه وتقدمه نحو مصر الشقيقة متجاوزاً الشلالات والصخور هادئاً حيناً ومندفعاً احياناً كانت رحلتها(اي فرح) تشبه التقاء الازرق بالابيض عند الخرطوم الحزينة المنتحبة الان وهو ذات المكان الذي التقت به فرح القادمة من شمال الوادي ببنات( بحر العاديك) ندي و رانيا

 

لم تكن الظروف متاحة لخروج (فرح) جواً نسبة لتوقف رحلات الطيران احياناً وصعوبتها باحيان اخري و(الهدن يتم اختراقها) وفي تلك الاحوال كان الخيار المتاح هو الطريق البري عبر معبر (ارقين)…. فاتني القول ان فرح بنت مهذبة واجتماعية رائعة تحب السودان والسودانين يقول المهندس عبد الله الحبر الذي قضت معهم ليلة بمدينة ود مدني بصحبة استاذ المطرفي عندما وجدها مع بنتيه بعد وقت وجيز من حضورها قال ان من يراهم يعتقد ان بينهم علاقة قديمة وان انسهم الذي وجدهم عليه يشبه اجترار الذكريات بين اصدقاء لم يلتقوا لسنوات طويلة

 

هذه هي الدبلوماسية الشعبية وروحها الانسانية التي تتفوق كثيرا علي دبلوماسية الحكومات و روح المصالح..

عملت سياسات الانقاذ منذ محاولة قتل حسني مبارك الي اخر ايامها تتقلب في سياسات عقيمة مع الحكومة المصرية افقدتنا جزء عزيز من الوطن وما لايمكن انكاره ان حركة الاخوان المسلمين نفسها و التي حكمت السودان لاكثر من ثلاثة عقود هي وليدة مصر بغض النظر عن شرعية انتسابها لمصر وطريقة ولادتها والغرض منها وهناك كثير من الاقاويل حول هذا الامر ليس له مجال في هذا المقال

 

ركبت فرح البص المتجه نحو معبر ارقين ومعها قلب الاستاذ صلاح المطرفي الذي ينظر للبص حتي اختفي عن انظاره ومن معه وظلت قلوب اسرته تنتظر العودة الميمونة للجميع…

ظلت اسرة فرح تنتظر ابنتها بالقاهرة وكلها شوق قابلها اهلها بالاحضان والقبلات وتعابير اهل مصر الراقية والمعروفة ثم اخذوها لمحافظة البحيرة وبعد ان تاكد استاذ صلاح من وصولها اخذ طريق العودة المحفوف بالمخاطر من بورتسودان الي محافظة شرق النيل حتي وصل بيته سعيداً برحلته الانسانية

 

فرح الان تجتر ذكرياتها حول هذه الحرب لاهلها بمصر وتعكس لهم الصور الانسانية راقية المستوي التي لن يعكسها اعلام الصراع…

 

و الاستاذ صلاح المطرفي يقول لاسرة فرح بعد وصولها وشكرهم له ودعوته للحضور لمصر (ان ما قمت به كان سيفعله اي سوداني غيري لو مر بذات الموقف)

انا شخصياً في ظل ما عكسه اعلام الحرب اصبحت لا اعرف ان كان ما ذكره الاستاذ صلاح صحيحا ام لا رغم اني كنت مؤمن به قبل ذلك فما هو رأيك انت عزيزي القارئ؟؟

 

نلتقيكم في قصتنا القادمة مع *ود الطيار والاسرة المصرية في الحرب السودانية* ومواقف من هنا وهناك كنت شاهدا عليها تمثل الدبلوماسية الشعبية والعلاقات الانسانية ولن نكتب لغير الجمال و (لا للحرب)

 

سلام

محمد طلب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى