مقالات الرأي
أخر الأخبار

(ود الطيار) والاسرة المصرية في الحرب السودانية (1)

(ود الطيار) والاسرة المصرية في الحرب السودانية (1)

 

العنوان اعلاه يقع ضمن سلسلة مقالات يمكن ان نطلق عليها عنوان كبير (الدبلوماسية الشعبية الانسانية) في زمن الحرب تتناول قصص وحكايات في زمن الحرب وغيرها نستخلص منها ما اتي به القران الكريم عن النفس الواحدة للبشرية ونجد ذلك في الاية الاولي من سورة النساء والاية( 6) من سورة الزمر و الاية (189) من سورة الاعراف اما الاية( 13)من سورة الحجرات فتوضح امر الشعوب والقبائل وغرض التعارف الذي يقود الي قضية الإعمار المستمر والمتجدد وتبادل الخبرات

 

 

حرب (ابريل) التي تخوضها قوات الشعب المسلحة السودانية ضد قوي مقاتلة كانت بصف القوات المسلحة وحاربت معها جنباً الي جنب في حروبات اقليم دار فور لسنوات عديدة وفي 15 ابريل تحولت َتلك القوي الصديقة الي عدو وقوي (متمردة)

 

(ابريل) هو ذات الشهر الذي قامت فيه (ثورة) للاطاحة بالرئيس الاسبق جعفر محمد نميري

 

والستة عشر عاماً التي حكم فيها الرئيس الاسبق جعفر نميري السودان وهو يعتبر اميز من استعان (بالتكنوقراط) في فترة من حكمه السودان الي ان اطاح به الخبثاء من السياسين في العام ١٩٨٥ عندما قربهم منه بالمصالحة الوطنية ثم بايعه بعضهم اميراً للمؤمنين ومجدداً للدين بعد (قوانين سبتمر) او ما عرف بقوانين الشريعة ومحاكم (العدالة الناجزة) التي (اسكرت) النيل حتي مصبه يوم دُلقت كل الخمور عند مقرن النيلين

 

عدد سنوات حكم نميري هي ذات عدد السنوات التي مكثها (محمد متولي) المصري الجنسية بالسودان

 

والرئيس جعفر نميري هو واضع قوانين التكامل بين مصر والسودان مع الحكومة المصرية انذاك التي كانت تهدف خلاصتها الي شعب واحد في بلدين لكل منهما سيادته وربما بلد واحد من شعبين وهي ذات دعوة الاتحاد مع مصر قبل الاستقلال والتي كانت مجرد شعار والنوايا غير ذلك ثم اوصلتنا (الانقاذ) بعد ذلك الي (لخابيط) الحريات الاربعة والنكوص عنها وهي لم تكن الا محاولات لتجاوز ومعالجة قضية مقتل الرئيس المصري حسني مبارك الفاشلة الشهيرة باثيوبيا و التي فقد السودان بعدها جزء من ارضيه وصمتت عنه (الانقاذ) الي اليوم وصارت حلايب وشلاتين كروت في اللعبة السياسية

 

دعونا نتجاوز كل ذلك لان الحديث عن الدبلوماسية الشعبية و العلاقات الانسانية بين الشعبين بتلمس بعض حكايا الحرب الدائرة الان وقد سبق ونشرنا حلقات عن( الطالبة المصرية فرح والاستاذ صلاح المطرفي) وقصتهم الانسانية مع الحرب… و لان الوسائط لا تنقل الا مشاهد الصراع والقتال الغمئ وكل فئة تحاول نقل انتصاراتها وقتلها ودمارها و(الجغم) و(البل) ومفردات الحرب الغريبة والقبيحة

 

رايت الافضل ان انقل الانتصارات الانساية العظيمة التي حققها البسطاء و الشعب المغلوب علي امره والدبلوماسية الشعبية التي تصبح قصص وحكايات تتناقلها الشعوب في اقطارها المختلفة وما نقلته وسوف اواصل ما هي الا احداث في جغرافيا قريتنا الصغيرة ولو حاول الجميع نقل احداث مماثلة علي مستوي السودان لكانت المحصلة عظيمة

 

(محمد السيد المتولي) شاب مهندس مصري عاش ردحاً من عمره واسرته بالسودان من ٢٠٠٧ حتي هذه الحرب اللعينة عرفناه ب(محمد متولي) عبر الاخ (الشيخ ادريس ود الطيار) وزرته معه بمكتبه عدة مرات… يستقبلك باسماً ويكرمك باخلاق اهل مصر الطيبين ويحدثك بلهجة اهل الخرطوم (يا زول اسكت ساااي)

 

ستة عشر عاماً جعلته سوداني (عدييل كدا) وكأنه خليط من جميع القبائل السودانية جاب البلاد طولاً وعرضاً ما فضل له الا (يسف التمباك) وقد رايت بعض المصريين يستخدمونه (اي التمباك بطريقتهم)

الا ان محمد متولي رجل جميل يتخير الجميل ويترك ما سواه مع احترامه لعادات الناس في ماكلهم ومشربهم وملبسهم والمزاج فاكل (قراصة) الشمال ولم يمس (عرقي البلح) ومثلما تمتع بمذاق (لحم المانصيص) في غرب السودان ولكن بدون (المُرين) احب كذلك لحم السلات والشية بالشرق واعجبته قهوة الشرق المميزة (بجبنة الفخار) وفناجينها ذات النجوم وشاهد (سفر البن) من الحبشة الي ادمغة الشباب ومزاجهم ولبس الجلابية واكل عصيدة رمضان بحواري (بري) و (ام درمان) وسمع عن (المريسة) و (البخو) المشبعات المسكرات و ربما تذوق الشربوت مشروب عيد الأضحى المفضل لاهل السودان… و(القدو قدو) و(الباكمبا) والاكلات التي عرفتها الخرطوم مع حرب دارفور والنزوح العظيم للعاصمة

 

كما ان سيرة (محمد متولي) ارتبطت باشهر السنة العالقة بالذاكرة السودانية فهو المولود في (نوفمبر) المرتبط في ذاكرة السودان بحكومة ابراهيم عبود وانقلابها العسكري اما( يناير) شهر استقلال السودان فهو شهر زواج الرجل و(مايو ) ارتبط ببداية عمله في مجال الاتصالات بمصر والذي فتح له باب رزق واسع في السودان وهو ذات الشهر انقلاب (النميري) الذي تغنينا به و له( يا مايو حبيب زي امي وابوي زي اختي واخوي… خليتنا نحس بالعزة تهز كل كيانا) وكان (يونيو) الشهر الذي وطئت فيه قدما المهندس متولي السودان هو ذات شهر (الانقاذ) والاغرب ان تاريخ تخرجه من الجامعة هو ذات تاريخ (المفاصلة) الشهير بين الانقلابين وشيخهم الترابي رحمه الله والذي نتج عنه حزب (المؤتمر الوطني) الحاكم و(المؤتمر الشعبي) المعارض والمنتج لحركات مسلحة

 

الشيخ ادريس (ود الطيار) شاب مجتهد ومكافح ملتزم اخلاقياً شق طريقه باحترامه لقيمة العمل والانتاج (سوداني) محترم جداً متمسك بالقيم والاخلاق الطيبة جمعت بينه وبين (المصري) محمد متولي علاقة عمل امتدت الي علاقة انسانية محترمة شهدت بعض مواقفها بمصر و اخري بالسودان حتي ايام الحرب اللعينة هذه سوف نتناول بعضها في هذه السلسلة من مقالات الدبلوماسية الشعبية

في زمن الحرب ومثلما قامت حكومات الدول الراقية باجلاء رعاياها فقد ساهمت القوي الانسانية الشعبية بفعل مماثل نتعرض له في هذه السلسلة التي ابتدرناه بقصة الطالبة المصرية فرح والاستاذ المطرفي ونواصل…..

 

يتبع…

 

سلام

محمد طلب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى