
أتوا من مديدة القد الواسع
العنوان اعلاه محاولة للاجابة علي السؤال الاشهر عن الحالة السودانية خلال الاربعة عقود السابقة (من اين أتي هؤلاء؟؟؟
لدي قناعة راسخة ان اي جماعة وان كانت تبدو علي غير دين او اخلاق البقية او الغالبية الا انها تمثل (شئ) من ثقافة كامل المجموعة البشرية في الحيز المكاني والزماني المعين… ومن المعلوم ان البشر يولدون علي الفطرة والذي يؤثر عليها بعد ذلك (ابواه) وتستوقفني هنا مفردة (ابواه) وهي قطعاً لا تعني (والداه) لانها ترتبط (بالتربية) وبالتالي فان ابواه تعني في اوسع دوائرها (المجتمع) ودائرتها الصغري هي (الاب والام) وليس بالضرورة ان يكونا الوالد والوالدة… لذلك قال اما ينصرانه او يهودانه او يمجسانه وقطعاً لن يُنصٌر من ولد في مجتمع اليهود او يهود المولود في مجتمع النصاري وهكذا…. وهذا الامر ملموس في الواقع بشكل عام ولا يخلو من استثناءات فمعظمنا لو ولد في مجتمع يهودي او نصراني لكان منهم والحمد لله اننا من مجتمع مسلم ولا استبعد ايضاً انهم يقولون الحمد لله اننا يهود او غيره وهذا امر واقعي…
عموما قد تكون هذه امور فلسفية تحتاج للتعمق لكن في كثير من ايات القران نجد ان العمل الصالح وعدم الشرك بالله هو الفيصل… وبه الوعود الطيبة..
مجتمعنا السوداني المسلم اذا تمعنت في عاداته وتقاليده ستجدها تنافي الدين ولكن لا يتركها الناس (اي العادات) رغم اسلامهم ومنها عادات وثنية ونصرانية موجودة في حياتنا الاجتماعية وهذا امر طبيعي يقابله المغالون بالسخرية والسخط ولا يأتون بفعل وثقافة من ذات النوع لتحل محل تلك الاخري.. واظن ان هذا هو الفعل المناسب لمحاربة مثل هذه العادات
والتكفير واخراج الناس من الملة فعل ربما ياتي بنتائج عكسية ولعلنا شهدنا في فترة التعصب المظهري ظهور لكيانات لم نسمع بها من قبل في هذا البلد….
كان وما زال لدي (راي شخصي) عند ظهور الكاركتير المسيئ لحضرة الرسول النبي الكريم وعلت الاصوات وارتفعت السيوف وهذا (الرأي) يتلخص ببساطة في ان( الكاركتير يحارب بالكاركتير) وكل شئ يكون الاجدي ان يحارب بذات السلاح المسلسل بالمسلسل المضاد والاغنية بالاغنية المعالجة للفكرة لكن ان يحارب الكاركتير بالبندقية والقتل والدماء فهذا يزيد الامر تعقيداً
الجهات التي تشعل نيران الحرب في السودان الان و حتي الخصمين هما من (اهل السودان) وعندما قال الاديب المتأمل الكبير الطيب صالح من اين أتي هؤلاء؟؟ لا اظنه يقصد المكان بقدر ما يقصد من اي ثقافة أتوا لانه ذكر في ذات المقال انماط من ثقافة المجتمع الطيبة لكنه في ذات الوقت اغفل او الاصح تغافل عن موروث الشرور الذي اتوا منه فعلاً لان الثقافة في معانيها الراقية تعني( العمل علي توسعة مواعين الايجابية)
المتامل لهذه الحرب وما قبلها يجدها لا تخلو من افعال تشبه بشكل كبير (المديدة حرقتني) واظنكم تعرفونها جيداً وربما نحتاج لاهل التخصص ليحدثونا عن تاثير مثل هذه الاشياء علي مستقبل النشئ وكيف يمكن معالجتها ولن اضف شئياً حتي لا (اوسع قدها)
ولعل المثل السوداني المعروف الذي دعاني لكتابة هذا المقال هو:-
*(كان غلبك سدها وسع قدها)*
لان معظم ما يدور و ما دار خلال نصف قرن من الزمان كان توسيعاً لهذا (القد) في كل المجالات
معظم الساسة وحتي العامة في بلادي يعتقدون انهم يعرفون كل شئ فمثلا اذا كان احدهم عسكري او سياسي محنك و اراد معالجة (قد) اقتصادي صغير فيظل يعمل علي معالجته وهو (صادق) لكنه ليس (خبير) فلا يستعين بالخبير الاقتصادي لانه (معارض) ضدهم ويظل يوسعون (القد) الي مرحلة يصعب بعدها المعالجة… فمثلا عندما بدأ الخبير الاقتصادي الدولي عبد الله حمدوك علي بناء معالجات اقتصادية ولم يغفل بحكمة ارضاء غرور الاخرين والعمل تحتهم شكلياً وجد ما وجد من جماعة توسيع (القد) الذي غلبهم (سده) لعقود وتبريرهم هو انه شيوعي سكران ولا غير وملأوا الدنيا (بشيوعيته وسكره) وتناسوا وانسوا الناس انه (خبير دولي) في المجال وتحديدا فيما يرتبط بموارد السودان الزراعية الهائلة….وهم عالمون بذلك لكنه في اتجاه سياسي معارض وليس امامهم الا وصفه بتلك الاوصاف (غير الموضوعية) فهي ان صدقت او كذبت لا تمت (للقد) بصلة
من اين اتي هؤلاء؟؟؟؟ الاجابة النموذجية أتو من ( كان غلبك سدها وسع قدها)
ولاشك عندي اطلاقاً ان من يشعلون هذه الحرب اتو من ذات الثقافة و موروث شرور(المديدة حرقتني)
يا اهل السودان جميعاً اوقفوا هذه الحرب اللعينة ويا من اشعلوها اياً كان اسمهم ارجو ان (غلبكم سدها الا توسعوا قدها)
كما اتمني ان نتخلي عن كل موروث يضيق مواعين الايجابية… والامر يحتاج لتكاتف وعمل جاد في مجالات التربية والتعليم والثقافة والاداب والفنون
سلام
محمد طلب
سلام