
الذم بديل الدم فلنصدق النية(1)
ربما يستبعد كثيرون ان الحرب الدائرة الان هي نتاج طبيعي لعدم وجود (دستور دائم) للبلاد منذ الاستقلال الي يومنا هذا ولا توجد قوانين فاعلة تنتظم الحياة وكل ما نحن عليه الان ما هو الا نتاج عن الموروث الثقافي للشعوب السودانية وان الصراعات والشعارات لم تكن الا نتاج عن تلك الموروثات التي لم نمييز بينها علي قدمها و هي تحمل الجيد وغيره وما يناسب عصرنا وما لا يناسبه
بدأ قبل الاستقلال ما يبين ذلك الموروث وما سوف يقود اليه فمثلا( الادارة الاهلية) لم تكن الا تطوراً مرحلياً لما سبقها فطن (المستعمر) لذلك بعد قراءة جيدة لتلك المجتمعات لكن الحكومات الوطنية لم تفطن لاهمية التطور الطبيعي والعلمي الذي كان من المفترض ان يحدث كما ان (المستعمر) دمج بين تاريخ وجغرافيا الشعوب لصناعة (الادارة الاهلية) وهناك امثلة لا نود ايرادها هنا
تمثلت بدايات ما نحن عليه قبل الاستقلال في شعارين متضادين احدهما( منفتح) والاخر (منغلق) الا ان الهدف من ذلك الانفتاح او الانغلاق لم يكن صادقاً لذاته بل يحمل تناقضه و روح الكراهية بداخله ولم تصدق النوايا فصار يلازمنا الي اليوم عدم صدق النوايا فالان العسكر لم يكن صادقاً في حكومة مدنية وخصيمه الحالي وحبيبه السابق ليس الديموقراطية من نواياه وكلاهما تربي علي الموروثات دون تمييز…. .. و ذات موروثات الحياة المدنية انتقلت للحياة العسكرية
فمثلاشعار (السودان للسودانين) والذي التف حوله الجميع في مرحلة ما الا انه لم يُعرف في ذاك الوقت وبالدستور والقانون من هو (السوداني) والي اليوم لا نعرف من هم اهل وشعب (دولة السودان) وليس هناك اوضح من انفصال الجنوب وما يقوله العامة الان (ديل ما بيشبهونا خليهم بنفصلوا) ويظل ذلك الامر انفصال بعد انفصال حتي ينفصل السودان الي اشتات ونعود (لحالتنا الاولي) ومن قال لكم ان الشبه في اللون والدين والعرق ضرورة لقيام (دولة) واستقراراها فاكبر دولة في العالم الان ما هي الا مجموعة من الشعوب والالوان والاديان وخليط عجيب جعله (الدستور) متجانساً واصبح يحكمه قانون الدولة ولعل المثال واضح امامنا الان في المحاكمات التي يواجهها الان الرئيس السابق (ترامب) والقضاء سيد الموقف والهند اكبر (الديموقراطيات) بها عشرات الاديان والالون تتدرج من الاسود الداكن جداً الي الابيض الفاقع وكلهم هنود تحكمهم اعظم ديموقراطية
اما شعارنا الاخر الداعي (للاتحاد) لم يكن سوي فعل مضاد والدليل عدم صموده او العمل الجاد نحو فكرته(الاتحادية) علي الاطلاق ورغم ذلك ظلت الكيانات (الاتحادية) قائمة وفاعلة بعيداً عن شعارها بل ومتنازلة عنه تماماً وكان اتجاه الحزبين الكبيرين نحو الكرسي والسلطة هو الغالب ولم يتجه اي منهما عاملا بقوة في اتجاه شعاراته مما خلق فراغاً كبيراً استغله اليمين واليسار حتي وصولنا لهذا الشتات…
كنت في مقالات سابقة قد اشرت الي ان المجتمع اساسه الزوجية و اذا كانت هذه الزوجية (سائبة) فان الناتج مجتمع (سائب) واشرت ان ما يدور بذهني من افكار (سائبة) تحتاج لتكاتف جهود كبيرة من علماء في مجالات مختلفة من العلوم الانسانية من اجتماع و قانون ودين وسياسة واقتصاد..(علماء جد جد وليس حملة شهادات علمية رفيعة وبس) وكذلك اشرت اننا نفتقد هذا النوع من العلماء وهذا الامر ربما يحتاج للبحث عن سودانين اجانب واجانب سودانين وهذا ايضاً يزيد الامر تعقيداً
لكن الواقع قد يفرضه علينا مما يتوجب الحذر…
اول لبنات هذا البناء كما اسلفت هو (الزوجية) مما يتطلب مراجعات صادقة وخالصة في امر (الزواج) والاعراف والقوانين التي تحكمه…..
فمثلاً لوقت ليس بالبعيد كان ما يحكم علي الزواج وفاعليته ونجاحه هو (الدم) بحيث يظل الناس يحتفلون بطقوس عديدة حتي يخرج لهم العريس وهو يحمل( دم) فض البكارة علي منديل ابيض وهو (يبشر) ليؤكد عذرية الزوجة و(ضكرنته) و زغاريد الطرفين تصم الاذأن وهي تشبه كثيرا دماء ضكرنة دماء هذه الحرب والتكبير والتهليل من طرفيها قد يقول قائل هذا الامر قديم وانتهي وووووو لكن حقيقة هذا الامر ما زال موجودا ويسيطر علي عقلية الناس حتي اهل العلم والثقافة واذا نظرت حولك ستجد اكثر من (طلاق) في شهر الزواج الاول مما يعني ان هذا الامر متسرب مترسب في عقولنا رغم ان العلم ضحد هذا المفهوم وربما تكون الزغاريد لمن اتاهم (بدمٍ كذبٍ)
وهو تقليد موجود ايضاً في كثير من الدول العربية والاسلامية لكنهم وضعوا قوانين ولوائح صارمة فمثلا لايتم العقد الا بعد خضوع طرفيه للكشف الطبي وقبولهما بنتائجه وصلاحيتهما للزواج وفي بعض الاحيان يمنع الزواج بالقانون.. ويتم اخضاع المقدمين علي الزواج بعد (الكشف الطبي) لدورات تدريبة مكثفة ومهمة
اما نحن فشعب يعلمه الشارع الصالح والطالح و(شختك بختك) و(يا جابت يا رابت) وكأن الامر (كرتلة) او (توتو كورة) شباب ورياضة
طبعاً في مجتمعاتنا التي تحتاج لكثير من التاهيل يصعب الحديث في مثل هذا الامور خصوصاً في ظل التمسك الاعمي بقشور الدين فمثلاً لو ناديت بقانون (يمنع) زواج ابن العم فسوف تُرفع السيوف في وجهك بحجة (حرم ما احل الله) دون وعي وادراك للفرق بين المنع لمصلحة المجتمع والتحريم الشرعي النصي… فهو اشبه بمنع زراعة محصول معين ومنع استيراده رغم انه حلااااال وهناك فرق كبير….
اظن ان ما يعرف بقوانين (الاحوال الشخصية) رغم عدم تخصصي بالقانون تحتاج لمراجعات اساسية علي هدي الشريعة الاسلامية وليس بعيداً عنها وبايدي متعاونة وصادقة من (الفطاحلة) في العلوم الدينية و الاجتماعية والقانونية وربما تغنينا علي المدي البعيد عن منظمات المرأة والمنظمات النسويةومنظمات الطفولة وغيرها من التنظيمات التي اتت نتيجة الخلل السابق في العلاقات الزوجية
وقبل الختام اكرر ان المجتمعات تبني علي الزوجية واي خلل يصبها يترتب عليه اكثر من خلل في المجتمع.. ومن يراجع الاية الاولي من سورة النساء وما احتوته السورة كاملة من هدي سيجد مقالنا في قلب الموضوع ومن اراد بهذا المقال شراً ايضاً سيجد ضالته لكنه خُط بنوايا صادقة وقابل للنقاش والاخذ والرد و سوف تليه مقالات كما اقر باني (زول عنقالي) لكن ربما يجد ما اطرحه العلماء والمختصين الذين يفيدون به المجتمع
ونعود
سلام
محمد طلب