
الذم بديل الدم فلنصدق النية (4)
(اديني ورقتي)
(اديني ورقتي) جملة شهيرة ومتداولة بكثرة في السودان بالذات في الاونة الاخيرة و هكذا اختزل مجتمعنا (ابغض الحلال) في (ورقتي بس) ….
ربما يقول قائل ان المقالات لم تُكمل الفكرة عن اجراءات الزواج فكيف تقفز بنا للطلاق فاقول اولاً موضوع الطلاق خُصصت له (سورة كاملة) في القران الكريم وهذا امر يجب الوقوف عنده كثيراً منا جميعاً و اهل العلم والمعرفة علي وجه الخصوص والسؤال التلقائي هو لماذا خصص المولي عز وجل في القران سورة باسم (الطلاق) ؟؟؟
وذات السؤال ايضاً لسورة النساء
وهو سؤال تجب عليه تأملاتنا جميعاً في كتاب الله لاننا مأمورون بذلك والبحث في اقوال السابقين وملخصات تأملاتهم والاستئناس بها ودمجها مع خواطرنا حول الامر واستفتاء القلب مهما قل علمنا الا ان ما لفت نظري ان هذه سورة (الطلاق) تقع بين سورتي التغابن والتحريم فقبلها سورة (التغابن) والاسم ايضا يستوقفك فهو من المادة( غ ب ن) كما ان اواخر السورة وكأنها مقدمة لسورة الطلاق و في الايات (14 و 15) جاء ذكر (ازواجكم و اولادكم) ثم جاء ذكر (انما اموالكم واولادكم) نلاحظ ورود (الاولاد) في الايتين سبقتها ازواجكم في المرة الاولي وامواكم في المرة الثانية (وهذا للمراجعة والتامل) لان هذا الترتيب قطعاً له دلالاته التي تشبه امر الترتيب في سورة (عبس)في ثلاثة ايات متتالية (يوم يفر المرء من اخيه*وامه وابيه*وصاحبته وبنيه*) وهو ترتيب له دلالات ربما نعود لها في موضوع اخر لكن خطر لي ان ذكر (الازواج والاولاد والاموال) بترتيب معين في سورة الطلاق له دلالات حول امر الطلاق نفسه
و في سورة الطلاق تجد ان الخطاب مباشر للنبي صلي الله عليه وسلم (القدوة) واخر الرسل والتوجيه مباشر في اول السورة حول الطلاق (يا ايها النبي اذا طلقتم النساء) وتدخل الايات بصورة مباشرة في تفاصيل الطلاق و معظم ما يرتبط به من احكام العدة لكل انواع النساء والتفاصيل الدقيقة وما يستوجب الوقوف عنده بعد الايات اعلاه هو ذكر (القرية) في (الاية8) ومعلوم ان القرية هي المجتمع الاكثر ترابطاً وقربي وصلات رحمية وهنا لابد لي من عودة لما دعاني لكتابة هذه المقالات حول امر الزواج والطلاق في السودان لاعتقاد جازم عندي انا ما يحدث بالسودان الان من حرب وقتال هو ناتج طبيعي من تراكم تخلفنا في موضوع الزواج والطلاق.. فعلي سبيل المثال التعصب القبلي هو نتيجة للزواج من ابناء العمومة في ذات القبيلة وعدم الانفتاح علي الاخرين نتيجة المحاذير المجتمعية وازدواجية المعايير لدينا و في حالات الزواج يكون الدين درجة دنيا في حين من المفترض ان يكون هو المعيار الاصل والهدي القراني واضح في الهدف في جعلنا (شعوبا وقبائل) ومقدمة الاية وخطابها (يا ايها الناس)والاشارة لبداية الخلق (من ذكر وانثي) ارجو تأملها في سورة الحجرات (الاية 13) ….
كذلك بعد سورة الطلاق تقع سورة التحريم والمفردة مادتها (ح ر م) وهي تبدأ بذات بداية سورة الطلاق (ياايها النبي) وتتعرض لمواضيع الزواج والطلاق ولفت نظري (وضرب مثلاً للذين كفروا ) اولاً ثم الاية التي تليها (وضرب مثلاً للذين كفروا) وتحدثت الاولي للذين كفروا عن امرأة سيدنا نوح و امرأة سيدنا لوط عليهما السلام والاية التي تليها الموجهة للمؤمنين عن امرأة فرعون والسيدة مريم العذراء واستوقفني امر الايات كثيراً كافرة مع مؤمن العكس وهذا التناقض الذي جعلني اطرح سؤالاً مهماً واتركه لبحثكم وتأملاتكم هل طلق سيدنا لوط او سيدنا نوح زوجه ام عاشا وانجبا هذه البشرية؟؟ وعندما ربطت الامر بواقعنا الان وجدت سؤالاً اخر لماذا تصر (الجماعات الاسلامية) علي الزواج من تنظيماتها فقط؟؟ وهم نفسهم من نسل سيدنا نوح وذريته؟؟؟
بالامس ناقشت بعض (المشايخ) عن وضع قانون *يمنع* زواج بنت العم او الخال وزواج الاقارب عموماً من ذات الاسرة والبطن لتلافي الاضرار الكبيرة التي يحدثها فكان ردهم ينم عن افق ضيق يخالف سعة منهج القران الكريم وقالوا كيف *تحرم* ما احله الله وتناقشنا طويلاً دون جدوي.. والتفاصيل كثيرةلا يسع لها المجال هنا
ورغم ان القران خصص سورة كاملة للطلاق لادري لماذا تجتهد (الجماعات) في امر *تسهيل الزواج* ولم و لن يدر بخلدنا امر *تصعيب الطلاق* والواقع عندنا ان الزواج صار صعباً جداً لذا قامت *منظمات* لتسهيله لكن الطلاق ساهل جداً عندنا…فلماذ لم تقم منظمات لتصعيبه وهو اصلا (ابغض الحلال) مثلاً في تونس الطلاق ممنوع بالقانون واظن ان الزوجة الثانية ايضاً ممنوعة بالقانون
الطلاق في ثقافتنا سهل جداً ويعتقد كثيرون انه يتوقف علي كلمة (طلقانة) التي تقابلها مباشرة (اديني ورقتي بس) ولا يدرون متي و اين وكيف ولماذا؟؟؟ ولا ادري كيف يمكننا التخلص من مفردة (بس) هذه في المقام الاول وهذه قصة اخري….
اما امر الطلاق فهو عندنا سهلاً وبسيطاً و لا اظن انه حسب الشرع بهذه البساطة والسهولة ..فهو ابغض الحلال لذلك نحتاج لمراجعة علي (سنة الله ورسوله) التي تعاقد طرفا الزواج عليها… وهناك كثير من التفاصيل الغائبة علينا ويجب اتباعها… وربما يقول قائل مثلما الزواج بكلمة ايضا الطلاق بكلمة نعم هي كلمة لكنها مرتبطة باشتراطاتها في كل من الزواج والطلاق
فلماذا نسهل الزواج وفي ذات الوقت نسهل الطلاق فمثلاً نحن نصنع لجان (تسهيل الزواج) لماذا لا نعمل علي (تصعيب الطلاق) لتعمل في توازٍ مع الاولي وهناك كثير من السبل لذلك الا ان (طيبة) مجتمعاتنا وتساهلها وبعدها عن الدين و ارتباطها ب (الجفلن خلهن) وتخويفنا مما يسمونه (قوانين وضعية)نحسبها ضرورية لتسيير امور حياتنا يحول دون ذلك حتي وصل بنا الامر للاحتراب…
في المقال القادم نتحدث عن نموذج مبتكر وغير مطروق لوثيقة الزواج ومرتبط بوثيقة الطلاق وهو (ميثاقاً غليظاً) كما جاء بسورة النساء
(وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا (20) وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا(21)
وفي الختام يجب الاشارة الي ان الهدف الاساسي من طرحي لهذا الموضوع هو ان يجد حظاً من التداول والنقاش والنقد الايجابي لتكوين رأي عام حوله يؤدي الي تغيير في يوم ما ان شاء الله في الاجيال القادمة
سلام
محمد طلب