مرحبا بكم بشبكة زول نت .. للإعلان إضغط هنا

منوعات محلية
أخر الأخبار

قصة قصيرة – عتمة – ✍️ بقلم: لمياء حسب الجابو حمد

قصة قصيرة

 

عتمة

 

بقلم: لمياء حسب الجابو حمد

 

ببطء، تمددت علي سريري، غرفتي خافتة الإضاءة، لا شيء يبدد سوادها سوى مصباح جانبي يتيم يحقنها بضوء شاحب مرهق، تمددت بتكاسل وألم معاً، كان الوقت ليلاً، ونافذتي الوحيدة التي تطل علي الطريق عارية إلا من شبك حديدي يوحي بإنها السجن. تركت عظامي ترتاح علي اللحاف الجاف ، ترفقت بجسدي وانا أمدده عسي أن يتخفف من ثقله وتتفلت عراه. كان اللحاف حائل اللون يطابق أيامي ويماثل وقعها، وكان الليل كائن هائل وأسود، وددت لو جلوته بأطياف الوسن، انا عيناي فقد أمعنت انكسارا، وددت لو انها أستجابت للنداء.

تهدمت ببطء علي الفراش طالباً المزيد من رآحة الجسد، أغمضت عيناي، وأسكنت روحي ساحباً بهدوء حملي الثقيل إلي قدمي، هدهدت انفاسي ووضعتها علي يدي اليسري، اما اليد اليمنى فدسست بها أفكاري، آملاً التوهان في وهاد النوم وأروقته.

تهيأت ملء اللفظ لان تسكن روحي تلك الليلة وتكمن داخل جلدي، وأستعيد ما تبقي من قواي لأقاوم وثبات الزمن . لكن وعند التقاء النوم وعيناي، الفعل والفاعل، توقف مؤشر الزمن، وتفسخت الخطة. تململت قدماي وانا مستلقِ ما بين يقظة ونوم، فانبثقت من حملهما السابق فكرة وانسحبت بهدوء تجاه يدي اليمني التي تناولتها بيسر، كأنما كان هناك إتفاق ضمني بين القدمين واليد اليمني يفضي لصناعة ليلة عاصفة بالأفكار، همدت القدمين بعد أداء المهمة بنجاح وتمرير أول خيوط لعبة الأرق، وبعدها التقطت اليد اليمنى القفاز ببراعة معلنة سيادتها تلك الليلة دون منافس، تحسست اليمني الفكرة التي أستلمتها بهدوء، ربتت عليها بجزل عركتها قليلا مخبرة اياها بِعظم دورها في الحياة، وأهميتها الخالدة، وانه لا يجب ان تستكين، فانها المزهوة دوماً، المتألقة، ويجب ان تبقي يقظة دون توقف، اتخمتها بالزهو، حقنتها بجبروت سلطتها علي الجسد المسجي دون رحمة. اهتزت الفكرة وربت، ثارت وتفجرت، تشعبت داخل الجسد وحقنته بسمها استعدادا لليلة لا يجانبها الكرى ولو بخفة.

 

صالت الفكرة وجالت وتغلغلت في مسام الروح كيفما اتفق، وسنت علي الجسد الهالك الحالك شعابها، فاصبح في حمي تقلبه يشد انفاسة المتوترة داخل يده اليسرى، والتي انبسطت وانقبضت علها تسيطر علي الأنفاس المحمومة. اصبحت اليد اليسرى تهدهد الأنفاس، وتناهض الفكرة التي تناسلت جراء الرفد من الأقدام…

أنتصف الليل، أصبح قطعة من السواد وما يزال جسدي يدير ذاك الحوار البليغ، والذي يبتدئ عند القدمين وينتهي بأطراف اليد اليسرى، تواترت اللعبة تشنجت الأقدام ، استلمت اليد اليمنى الفكرة وعاثت في الجسد والعقل ،وكانت اليد اليسري تحاول رتق ما أنسل من نسيج النوم والراحة. ومع كل دورة تكتمل كان هناك خيط رقيق ينبني علي إفريز النافذة، الخيط الأول يكون طولياَ، والثاني عرضيأَ، أستمر هكذا خيطاً طولياً، خيطاً عرضيأَ، طولياً عرضياً بالموازاة مع عدد الافكار المتمردة. وحينما جاء الصباح، وغسل بنوره الأرواح، كانت نافذتي قد سُكِب سِناجها وخُتم عليه،،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى