مرحبا بكم بشبكة زول نت .. للإعلان إضغط هنا

مقالات الرأي
أخر الأخبار

ماسأة العيلفون/هل من استراحة بعد الاستباحة؟؟ (5)

ماسأة العيلفون/هل من استراحة بعد الاستباحة؟؟ (5)

 

ماسوف اسطره هنا ضمن هذه السلسلة من المقالات قد لا يعجب الناس كثيراً نسبة للمعاناة والضرر الكبير الذي لحق بهم وبنا وباهلنا بالعيلفون نتيجة اجتياح (الدعم السريع) للمنطقة واستباحتها كما لابد من الاشارة لماكُتب عن (خيانة) البعض ومعظمه تلفيق لا يمت للحقائق بصلة اطلاقاً ومغروض رخيص الاهداف به من شرور النفوس البشرية ما به

حديثي هنا سوف يدور حول الانسان والنفس البشرية بشكل عام بتجرد بليغ فالانسان هو ابن البيئة والمجتمع الذي عاش فيه وتربي علي قيمه واخلاقه ودينه وهو ينظر للاشياء من تلك الزاوية ولا يمكنه النظر بتجرد بعيدا عن تربيته وبيته وبيئته فمثلا (الهمبتة) وثقافتها لا يمكنهم النظر اليها بانها فعل سيئ ومنافي للدين والاخلاق طالما انك تنظر لها من جانب ثقافتك عنها ولايمكن الحكم عليها بتجرد لذا يتم تصنيفها بانها (فراسة وضكرنة ورجالة)فتظل مكان احتفاء عند الناس ينسجون حولها قصص وحكايات و ربما اساطير

وعندما تظهر اشكال جديدة من ذات الثقافة (تسعة طويلة) مثلاً يجدون الرفض لها والتبرير الوهمي وانها ثقافة دخيلة… عفواً انها ثقافة المجتمع رضينا ام ابينا انه مجتمعنا الذي ظل يحتفي (بالهمبتة) في اشكالها المختلفة والتي تشترك جميعها في التعدي علي حقوق الاخرين سياسياً واقتصاديا والتعدي السافر علي املاك الدولة والشعب وحتي الانقلابات العسكرية ما هي الا شكل من اشكال (الهمبتة)

وعندما نتحدث بتجرد نجد المبررات الواهية مثل انهم ينهبون من الاغنياء ويعطون الفقراء تبريراً لهذا الفعل الشنيع.. اليس هذا من ذات الاصطلاحات التي ظهرت مؤخرا لتبرير فظائع الافعال (توزيع السلطة والثروة) التي اضحت شعاراً لكل الحركات المسلحة.. انه ذات الفعل القديم الذي مازلنا نحتفي به وبما نسميه ادب (الهمبتة)

 

ان المعاناة التي واجهناها كانت معاناة بمعني الكلمة تستوجب الوقوف عندها والتجرد في نظرتنا للاشياء فمثل ما كنا ضحية قوات (الدعم السريع) واجتياح منطقتنا ذات التاريخ العريق واحداثه التاريخية لها علاقة وثيقة بما يحدث الان فنهاية الدولة السنارية التي كانت (العيلفون) مرجعيتها الدينية لم تكن الا نتيجة لذات فعل الجيوش المرادفة التي كونتها السلطة انذاك لحمايتها وهذا امر معروف تاريخياً لا مجال لخوض تفاصيله

 

المعاناة التي واجهناها لا نبرئ منها انفسنا ولا الجيش ولا الكيانات السياسية المختلفة او حتي حب الذات والانانية التي لا زالت تكتنف القيم واللاخلاق والكل شريك في هذا الجرم التاريخي و لا ابرئ جيش ولا دعم ولا كيزان ولا قحاتة ولا احزاب بل اجد نفسي واهلي جزء من هذا الجرم ويجب علينا جميعا الاعتراف بذلك

ان خطابنا السيئ واثارة الشرور الكامنة في النفوس البشرية بدلاً عن اثارة الخير في ذات النفوس التي خُلقت متعادلة في الاصل وحولتها المجتمعات من حولها الي الاتجاهات المختلفة والمتناقضة فرجحت موازين الشر علي الخير او العكس وبالتالي تظل بذرة من هذا واخري من ذاك موجودة فالدعم السريع والجيش والكيزان والقحاتة وكل الشعب يحمل بذرة الخير وفي ذات الوقت بذرة الشر والقيادة هي التي تفعل الترجيح هنا اوهناك وتظل نفوس الجميع نفوس بشرية في النهاية….

لقد واجهت في رحلتي كل اصناف الشرور من كل الاطراف جيشها و دعمها وشعبها لقد واجهنا الجشع والطمع واستغلال الاخر وحب الذات في الايجارات والاجراءت والمعيشة لقد كانت المعاناة عظيمة من جانب مكاتب الحكومة وافرادها من العسكريين والمدنين بصفتهم( بشر) وفي ذات الوقت واجهنا خير واخلاق عالية المستوي في كل المناطق التي اجبرتنا الظروف للبقاء بها لحين… بل حتي الدعم السريع نفسه كان رغم الوحشية التي ابداها وكانت واضحة للجميع الا ان هناك مواقف انسانية من بعض افرادها( البشر) الذين مثلهم مثل غيرهم توجد بهم بذرة خير.. وسوف اسرد عليكم موقف انساني لابد من تسطيره رغم كل الشرور التي واجهناها

لان الخير موجود في هذه الامة علي اختلاف شرورها والقصة تؤكد ان النفس البشرية وان كانت (دعماً سريعاً) وشريرا لا تخلو نفوس بعض افرادها من الخير

 

خالتي ذات الشلوخ المطارق وملامح الوجه الطفولي الجميل طريحة سريرها الطبي لاكثرمن عقد من الزمان يرعاها اولادها وبناتها عناية فائقة.. في السنوات الاخيرة تدهورت حالتها بدرجة كبيرة لكن العناية الالهية كانت ترعاها وعند الاجتياح لم يكن امام الابناء سوي الخروج بها محمولة علي سريرها لا يدرون الي اين فكانت عناية الله وحفظه تسخر لها من لا عشم بهم استوقفتهم القوات المجتاحة وعند رؤيتهم حالها قذف الله في قلوبهم الرحمة وقالوا انهم سيقومون بأجلائها الي حيث يريدون وفي ثواني احضروا سيارة ( برادو) حملوا عليها المريضة التي حفتها عناية المولي واحضروا عربة اخري حملوا عليها سريرها الطبي واخري حملتهم وبقية اغراضهم في اسرع واسهل عملية اجلاء حدثت بالعيلفون ومن القوة المجتاحة نفسها وصلوا بهم الي منطقة سوبا واستاجروا لهم سيارة تقلهم الي حيث هم ذاهبون وهم صامتون مذهولون و ودعوهم ووضعوا لهم مبلغ من المال حتي وصلوا مقصدهم الامن خارج ولاية الخرطوم .. هذه الحكاية الواقعية حدثت بتسخير رباني واتخاذ اسباب بسيطة املاً في النجاة فكانت رعاية المولي تقود التفاصيل والكل في صمت لا يصدقون ما رأت اعينهم والذهول يخيم علي الجميع في قصة اسهل واسرع عملية اجلاء حدثت بالعيلفون ومن القوة المجتاحة نفسها… ياتري ماذا بينك وبين الخالق الراعي سيدتي الكريمة حتي احاطك بهذه العناية الفائقة في هذا الظرف العصيب لا شك انه امر عظيم يعلمه من احاطك بهذه الرعاية…

 

وهذا يقود الي كثير من التامل والتفكر حول النفس البشرية واحوالها واستثارة الخير بها وكذا الشرور وامكانية تحول العدو الي صديق ومنقذ وايضا العكس يمكن ان يكون الصديق هو اكبر الاعداء لذا قال احدهم (احبب حبيبك هوناً ما عسي ان يكون بغيضك يوما ما وابغض بغيضك هوناً ما عسي ان يكون حبيبك يوما ما) و لعل في هذا القول الحكيم كثير مما نراه الان فالدعم السريع كان حبيباً للجيش وبين ليلة وضحاها صار بغيضه نتيجة التفريط وعدم التزام (هوناً ما) والفجور والمبالغة في ظل (اللانظام) والوعي بالعواقب في العلاقات غير المنضبطة بين التنظيمات البشرية

 

خلاصة القول اننا بحاجة لاستثارة الخير في النفوس البشرية والبعد عن استثارة الشرور من (جغم) و(بل بس) وسحل وقتل ونهب و(همبتة) وما شاكلها من الفاظ وعبارات وافعال الشر اننا في حاجة لتحكيم صوت العقل والضمير الانساني والبعد عن الانانية وحب الذات…. والبعد عن مفاهييم الانا العقيمة وما قاله شاعر العيلفون (نحن اولاد ابوفركة نقعد نقوم علي كيفنا) اذا لابد من الالتزم بقواعد الدين والاخلاق والقانون الذي يضبط السلوك وليس (علي كيفنا) واستثارة الخير في النفوس البشرية امر في غاية الاهمية…. ونعود بكم لما قابلناه من خير في نفوس اهل (الشريق) الاكارم في الحلقات القادمة وقصص الكرم واخلاق الاكارم

 

سلام

*النازح واللاجئ المشرد الذي ذاق ما ذاق فاقد الماوئ وكاره النفاق منتظر الاتفاق في ظل اللا اخلاق و ارواح تزهق ودماء تراق والامر لله الحي الباقي*

محمد طلب

اسمرا 30 اكتوبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى