مقالات الرأي
أخر الأخبار

أهمية التدريب على كيفية إدارة الازمات في السودان ✍️ البروفسيور : فكري كباشي الأمين العربي

يمكن تعريف إدارة الأزمة بأنها تكاتف كل الجهود والخبرات الإدارية والفنية من أجل توليد استجابة ومعالجة متغير طارىء من شأنه إحداث ضرر بالغ بالوضع المستقر. يجب على الجهات المعنية أن تسارع في وضع العديد من الاجراءات للتعامل مع الأزمة، ويشترط في هذة الإجراءات أن تكون على نفس القدر من “السرعة والمفاجأة” اللذين تتمتع بهما” الأزمة” لضمان ألا تتفوق قوة الأزمة على أداء الجهات المعنية بالمواجهة، أو بمعنى آخر لضمان “إدامة تفوق” الجهة أو على الاقل السير بالتوازى مع الأزمة أو في أسوء الأحوال بعدها بخطوة. مجرد إندلاع الأزمة، فإنه من الضرورى إنشاء مركز لإدارتها، يكون الغرض منه هو تشكيل خلية عمل في مكان واحد، إلا أن هذا المركز يعتمد في تدشينه وأسلوب إدارته على الكثير من الترتيبات السابقة في وقت الأزمة، حيث يجب على الأجهزة المعنية أن تكون مهتمة طوال الوقت ببناء قاعدة بيانات تضم كافة أمهر المتخصصين في فروع الأزمات المُحتملة، والاهتمام بالإنذار المبكر وجمع والمعلومات ووضع الاحتمالات وضمان انسياب المعلومات إلى الإدارات المختصة بالجهاز المعني، بالإضافة إلى وضع السيناريوهات وأساليب المحاكاة لضمان التدريب المستمر والاستعداد بالحلول والحلول البديلة عند إندلاع الأزمة، ومراجعة الأزمات السابقة والوقوف على آليات التعامل معها وتحديد نقاط الإخفاق لتفاديها عند إندلاع الأزمة القادمة، وضرورة أن تكون قاعدة البيانات شاملة لكافة أسماء المشافي والعيادات والمنشأت التي من الممكن أن تقدم دعم ومساندة عند اندلاع الأزمة مع تحديد أفضل وأسرع طرق الوصول إليها،بالإضافة إلى تيسير عمل مراكز الاتصال المشتركة في كافة أنحاء البلاد لضمان سهولة الإطلاع على المستجدات في حالة انتقال عدوى الأزمة من نطاق لأخر. بالإضافة إلى التنسيق بين كافة الجهات ا رأسياً وأفقياً.

إلا أن طريقة عمل مركز إدارة الأزمة يختلف عن طريقة العمل قبل اندلاع الأزمة، فإذا افترضنا بوجود أزمة قائمة، فإنه من المحتم على فريق إدارة الأزمة أن يقوم بكل ما من شأنه في لحظات التعامل الأولي تحقيق عناصر إدارة الأزمة ، وهي ( حصر عناصر الأزمة، تحجيم الأزمة، تحييد الأزمة)، حيث أنه في حالة النجاح في تحقيق هذه المهام فإن احتمالات القضاء على الأزمة يكون كبير جداً، حيث سيساعد هذا النجاح في انتقال فريق إدارة الازمة من حالة التعامل مع تهديد “غامض” إلى التعامل مع تهديد” واضح” ، ويتم هذا الأمر من خلال الإطلاع على كافة المعلومات المتاحة بشأن الأزمة، بما يمكن من إعادة ضبط السيناريوهات لتتحول إلى خطط فى ضوء المستجدات الميدانية، وفي حالة شح المعلومات فإن حالة من التوتر ستكون قائمة، وستكون أى توصيات أو خطط غير عملية طالما لا تتوافر المعلومات الكافية. وفي هذه الاثناء يكون الوقت أخذ فى النفاذ. بعد فترة من إنكفاءه فريق إدارة الازمة على نفسة وانعقاد جلسات العصف الذهني لبحث أفضل الخطط والسبل لمواجهتها، يبدأ مركز إدارة الأزمة في إعطاء وجهه نظره للجميع، حيث يقوم بتوفير السيناريوهات لمتخذ القرار، والتواصل مع الأجهزة الأخرى لتقديم الدعم والمساندة، بشرط تحديد الأدوار لضمان عدم الوقوع في فخ الفوضى، وضمان استمرار عمل غرفة الاتصالات وغرف الاتصالات المشتركة في كافة أنحاء البلاد لغرض الوصول الى تقارير المتابعة بالسرعة والكفاءة اللازمة. ويجب ان يتم الوضع في الاعتبار أن الالتزام بوجود هرم تنظيمي لإدارة الأزمة أمر من شأنه تيسير التصدي لها ووأدها في أسرع وقت، بشرط التزام كل جهة بمواقعها من التراتبية والمهام الموكله إليها، ويبدأ الهرم من رأس السلطة السياسية والمنوط باتخاذ القرار بناء على كل التوصيات التي سيقدمها له صناع القرار من كل هذه الهيئات، مع التنويه على أن توصيات صانع القرار غير ملزمة لدى متخذ القرار، ورغم ذلك يُفضل اللجوء لأهل التخصص وأصحاب الخبرة. ويتشكل هذا الهرم من المؤسسات الرئيسية، والعديد من المجموعات الرديفة كمجموعة التنسيق، الاستطلاع، الاتصالات … الخ ، بالإضافة إلى ضرورة استعداد كل الهيئات اللوجستية كالمرور والدفاع المدني والمستشفيات. والازمات عموماً ليست بالأمر الجديد الحاصل على الساحة الدولية على سيل المثال كاخر ازمة المتمثلة في فيروس الكرونا 19 والتي اثرت على كل دول العالم دون استثناء واختلف أسلوب ادارتها من دولة الى أخرى او قد تكون ازمة داخلية مثل أزمات السيول والامطار وفياض نهر النيل في السودان ورغم انها تكاد تكون متكررة كل عام الا ان اثارها المدمرة هذا العام لا تخفي على العين او ازمة سد النهضة والتي جمعت بين البعد الدولي والداخلي المحلي ، ولذلك اعتقد انه من الضروري تطوير آليات مواجهة هذه الازمات والوصول إلى القدر الكافي من المرونة والتعاون بين الأجهزة المختلفة،وإعادة ضبط برامج إدارة الأزمات بما يضمن للجهات المختصة إدامة التفوق ، مع أهمية الإبقاء على طريق مفتوح مع الرأي العام لأغراض الدعم والمساندة , واخيراً لابد من الإشارة الى ان هناك خلط بين مفهوم الكارثة والأزمة، فرغم أن الكارثة ينتج عنها دمار شديد إلا أنه لا يصح وصفها بالأزمة، حيث الأزمة هي نتاج الكارثة، وبمعنى أخر فإن الكارثة تكون سبب للأزمة، ولا تكون هي بحد ذاتها الأزمة.

البروفسيور : فكري كباشي الأمين العربي

١١ مايو ٢٠٢٤م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!