مقالات الرأي
أخر الأخبار

نص موازى – استراحة كاتب – ✍️ محمد بابكر الحاج

فى صياغات المنشغلين ببناء الامم تحتمل الاحاديث المقطوعة كل فارغ القول … ولكنها عندما تاتى من قيادة وقيادة امنية فإن ذلك مؤشر خطير اما لجهل المتحدث او لاغراضه الخاصة والحديث له صياغه واوانه …

(بدر الدين ) ضابط المخابرات السودانى وعبر الاذاعة السودانية وللأسف ما حدث هو سقطة اظهرت ضعف الكادر فى البرنامج المعنى ..

عليه … سلك سلوك النمط لتحديد عينة الخطاء فى مشكلة بناء الفكرة الاساسية الجامعة للهوية .

استمعت الان للمادة الصوتية التى قدمتها الاذاعة .. وحقيقة الامر ان حجم الكارثة يتجاوز انفعال المتحدث وغباء المذيعة التى ما استطاعت ان توقفه بل امنت على حديثه ب (صحيح / نعم ) التى تظهر غباء المذيعات احيانا … ينبغى مهنيا محاسبتها هى ايضا واظنه تم ذلك …

.. عندما نتحدث عن بناء الامة والنسيج المتحد والهوية لا بد ان ندرك ان الارض السودانية بشكلها الحالى وتطوراتها القادمة ستعانى من مثل هذه الاصوات كثيرا .. ويؤخذ الحديث فى صياغ غباء الاطار العام والنظرى لفكرة الهوية السودانية وتعريف الجنسية وحاملها وفق القانون …

فى كل بلاد الكون لايقوم هذا الصراع الا عندنا فى السودان وان حدث فهى دلالة على المشكلة التى اكبر من حجم الوعى الجمعى لمفكرى هذه الامة ..

القبائل هى انساق اجتماعية .. والنسق هذا ماجاء بفعل الفيدراليات القائمة فمن المعيب سلب الحقوق الاصلية لبناء وطن فدرالى يضيق على الجميع … فالقبائل جذوريا ابعد من اطار السياسين واعتق من نظرية الجمعون الثقافى لتعريف الحدود السياسية فى الارض .

ونحن اهل الشرق فى حدودنا المعروفة شأننا شأن كل الشعوب الاصيلة ذات الحدود المشتركة .. وهذا لايعيبنا بقدر ما يعطينا ميزات تفضيلية للمساهمة فى بناء وطن يتناسق فيه الجميع فى المواطنة واجبا وحقا ..

لايؤخذ حديثه مبتورا من توابعه النفسية والسياسية والدوائر الاجتماعية لان الرواية ستكون مبتورة .. فالجهل العام هو معزز كبير للخطاب الاجتماعى المتعالى .. فغياب ترتيبنا تربويا بالقدر الكافى لاستيعاب تبايننا يجعل مننا جوغة من النشاذ …غيب عننا فرص عظيمة لبناء شعب يعى من هو …

.. المشكلة اكبر من حديث اذاعى

و إن جاء كقطنة الجراح تسد الجرح مؤقتا .. لكنها ستظهر حجم الوعى السياسى العام وسيتصدر ذلك المشهد فى سلوك من جهات غير متوقعة فكريا وثقافيا لإن الحقائق تظهر فى اوانها ..

الان نحن فى وطن يحترب من اجل ان يتشكل .. له مابعده .

وهو نفسه كواقع جاء بعد ولادة متعثرة لتكملة الصورة الجماعية الباهتة للشعب والأمة ..

لن اعلق عن الامر بجانب ماكان ينبغى او ماذا يقال فى الاصل .. ولن اعلق كمنفعل .. لكن

الارض هذه لايملكها احد … نعم لايملكها احد بمنطق الحركة والاصل والجذورية .. هذه الارض للجميع بواقع الحقوق والواجبات مادام الوثيقة الجامعة هى الحنسية … لن اشير للدستور لانه لم يستوعب تجمعنا بفعل المستحوذين على القرار …

نحن الشعب .. تجمعنا جغرافيا متداخلة .. وحال الحدودين فى كل الكرة الارضية فهم خليط بين فيدراليتين دائما … لكنهم اصحاب مساهمة حقيقية بنوعهم ومدهم كشركاء فى بناء امة … الاصرار الدائم على الاستحواز النخبوى السلوكى الذى يمارس من المركز تجاه الاطراف وتصدير فكرة العرق الاصيل للسودان المركز هذا يتمدد من (مركزية اولاد امدرمان الثقافية ) الى مركزيات فى الاطراف تتبنى فكرة ان الارض لطرف دون الاخر .. الفشل فى الاتفاق على هوية جامعة هو نفسه الذى اقام الحرب وهو نفسه الذى اتاح لراديو ( هنا امدرمان ) ان يبث خطاب بهذا الشكل .

الفكرة اكبر من بدر الدين نفسه .. ومن مذيعة عقلها مركزى لم تستطع ان تسكته بالدستور وسلطة الاعلام …

سنظل ردود افعال مادمنا لانعرف من نحن ..

السودان بلد مشوه … فشل بناته فى تعريفه تاريخيا .. وتشبيكه اجتماعيا .. فى كل حلقاته ودوائره يعانى من التطرف .. لم يخرج المتحدث من تعالى المثقفين والمتحدثين والخبراء الاستراتيجين وعموم الجمع النخبوى …

المشكلة اكبر بكثير …

من له الحق فى تحديد المواطن من غيره اصلا …

هل يستمع لمثل هذا فى اوطان اخرى فرغ مواطنيها من التعرف على بعضهم جيدا .. اتفقوا على مايجمعهم واحترموا مالايتشابهون فيه …

٤٦.٨٧ مليون هو عدد السكان الان وفق اخر احصائية لجغرافيانا السودانية الحالية .. والان تدور حرب لنخرج بعدها بتعداد جديد .. السؤال .. جذوريا هل نحن نحن ؟؟ بمعنى هل نحن ماعرفنا انفسنا عليه واتفقنا اننا بعناصرنا الفكرية والثقافية والسلوكية وكل تفاصيلنا متفقون على تقبل بعضنا البعض ؟؟

بدر الدين ان نطق بمايعتقد او ان دفع ليكون صوت لاخر غير جرئ فهو فعل ماينسف الصورة الزائفة مقابل العقل الباطن للنخبوين فكرة ان مايجمعنا بوثيقة تثبت سودانيتنا يخالف الممارسة السلوكية من مركزنا تجاه اطرافنا …

(نقطة ضعف فكرة الهامش والمركز . ان لكل مركز هامش لتوصلنا لمركز المركز وهامش الهامش )

فيما يخص الحادثة تحديدا فإنها سقطة اخلاقية لكل المنظومة السياسية فى هذا البلد تفضح مستوى صعب فى عدم تقبل الاخر الند فى المشاركة والمواطنه ..

هذا البلد .. تجتمع فيه افريقيا قاطبة وبعض العرب لانه ارض رابطة للمحيطين العربى والافريقى .. مزيج من التنوع الغريب والنادر .. وكان يمكن ان يكون وحدة منسجمة .. يتساقط ويتبتر كل يوم فى اتجاه والان يحرق مركزه بسبب (العنصرية ) لا شيء سواها …

وشكرا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!